سياسيًا وتغيير أي مخالفة لها ورفض أي قرار ينافيها، وهذه كلها أحكام سياسية، أما مجرد الاعتقاد بوجوب التطبيق من دون تطبيق أي شيء، فهذا ليس هو الواجب ديانة، بل إن الخلاف مع الفكر العلماني إنما هو في تطبيق الشريعة وليس في اعتقاد تطبيقها، والأمر القرآني جاء في تطبيق الشريعة وليس في مجرد الاعتقاد {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤].
[مناقشة الأصل التلفيقي الثالث]
يقول هذا الأصل: إن سيادة الأمة هي الوسيلة الممكنة لتطبيق الشريعة في العصر الحاضر.
والخلل هنا أنه يقرر أن السيادة وسيلة إلى تطبيق الشريعة، وهذا يعني أنه مراعاة لظرف زمني معين، بينما حقيقة الرأي تقوم على تأصيل كلي لا يرتبط بضرورة أو حالة معينة.
فهم يتحدثون أن الشريعة لا إكراه فيها، وأن المشروعية السياسية بحاجة لمشروعية دينية، ثم يرجعون فيفسرون سيرة النبي صلى اللَّه عليه وسلم وخلفائه بما يتفق مع هذه الرؤية، فتقريرهم قائم على اعتبار (سيادة الأمة) أصلًا كليًا، والاستدلال هنا قائم على اعتبار أنها ظرف زمني معين!
فليس محل الخلاف أن يشارك الإسلاميون في النظم التي لا تتخذ الشريعة مرجعية لها في سبيل أن يصلوا من خلال هذا إلى جعل السيادة للشريعة، إنما الخلاف في الأصل الكلي القائم على جعل المشروعية للأمة ولا حكم للشريعة إلا من خلالها مطلقًا، وليس لأجل ظرف زمني معين.