تتملّكني الدهشة والإعجاب كلّما نظرت في بعض المواقف الصارمة لأئمة السلف من الأحكام الفقهية المتعلقة بالتعامل مع (السلطة السياسية)، ولو فتح الشخص صفحة ذلك التاريخ لانهالت على ناظرية عشرات القصص والأخبار في إنكار الدخول على السلاطين أو تولي القضاء لهم وإسقاط الرواية عمن وجدوه مترخِّصًا في ذلك، إلى مواقف أشدَّ حسمًا وصرامة كمثل ما روى أن (خلفًا البزَّار) رفض الرواية عن شيخه (الكسائي) بسبب انه سمعه مرة يقول: سيدي الرشيد، فقال:(إن إنسًانا مقدار الدنيا عنده أن يجعل من إجلالها هذا الإجلال لحري أن لا يؤخذ عنه شيء من العلم)(١).
أتساءل مع القارئ الكريم ما سبب هذه الصرامة التى سكلها أولئك الأئمة؟
بحلو لكثير من الناس أن يبحث لها عن مبررات وأعذار لأن ثمَّ قناعة في