للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لماذا؟

لأن الشريعة نظام حياة ونظام دولة وليست رسالة روحية منزوية عن الواقع، فالأحكام الدينية حسب تصور الإسلام، هي أحكام سياسية.

فأي حكم في الواقع يخالف الشريعة فالمسلم مأمور بتغييره (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده) (١)، وأحكام الإسلام يجب أن تكون هي الحاكمة والفيصل بين الناس في حقوقهم ومنازعاتهم {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]، وأي قرار سياسي يجب ألا يخالف الشريعة وإلا فلا اعتبار له (إنما الطاعة في المعروف) (٢)، إما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) (٣)، وأي نظام فمشروعيته مقيدة بالشريعة (إلا أن تروا كفرًا بواحًا) (٤).

فحين تستحضر هذه الأحكام يتضح لك صورة الأحكام في الإسلام، فالأحكام الدينية هي أحكام سياسية، والأحكام السياسية لا مشروعية لها إن خالفت الأحكام الدينية، فتصور الحكم الديني منعزلًا عن الحكم السياسي هي رؤية علمانية لا علاقة لها بالشريعة (٥).

فحين يقول إن تطبيق الشريعة واجب دينًا، لكنه يحتاج لمشروعية سياسية، فهو يتحدث عبر منطق مختلف عن الشريعة، فوجوب تطبيق الشريعة هو تطبيقها


(١) أخرجه مسلم برقم (١٨٦).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٧٢٥٧) ومسلم (١٨٤٠).
(٣) أخرجه البخاري برقم (٧١٤٤) ومسلم (٤٧٦٣).
(٤) أخرجه البخاري برقم (٧٠٥٦) ومسلم (٤٧٧١).
(٥) بيان محكمٌ ومتين عن هذه الجزئية تجده في مقال: (المضمون العلماني في الاتجاه التنويري، لمشروعية السياسية) للشيخ الفاضل أحمد سالم، مجلة البيان، عدد ٣٠٣، ذو القعدة ١٤٣٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>