للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نستدل بآية الإكراه يجب أن نستوعب أن هذا الإكراه هو (إكراه ديمقراطي ليبرالي)، وليس هو (الإكراه الشرعي).

الأساس الثاني: أن تحكيم الإسلام وخضوع الناس لحكمه وقوانينه ليس من الإكراه في شيء، ولا علاقة له بقوله تعالى {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فجعل هذه الآية ذريعة لتعطيل الشريعة غلط وفهم منحرف عنها، ويظهر هذا من وجوه:

١ - أن علماء التفسير قد اختلفوا في تفسير هذه الآية إلى ما يزيد على ستة أقوال ليس فيها أي إشارة إلى أنها تشمل المسلمين، بل كل الأقوال ترجع إلى الكفار بعدم إكراههم على ترك دينهم والدخول في الإسلام قسرًا أو التعرض لهم إن دفعوا الجزية، ولم يقل أحد بتاتًا إنها تشمل المسلمين (١).

٢ - أن تحكيم الشريعة ليس من الإكراه في الدين، فهو خضوع لقوانينها وأحكامها، وليس فيه إكراه أحد على مخالفة دينه.

وعلى افتراض أن ذلك إكراه، فالعموم في الآية (عموم في نفي إكراه الباطل، فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين، وهل يقتل الكافر إلا على الدين) (٢).

٣ - أن أحكام الإسلام كانت تطبق في الدولة الإسلامية في عهد النبي صلى اللَّه عليه وسلم وخلفائه الراشدين، تطبق على المسلم والكافر، وما كان يؤخذ آراء الناس لمعرفة رضاهم أو سخطهم، بل إن الفتوحات الإسلامية أخضعت بلدانًا كثيرة ولم تخيرهم في حكم الإسلام وهم غير مسلمين، فكيف تخير المسلمين في حكمهم بالإسلام؟


(١) فصلتُ هذه الأقوال في كتاب (التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصرة) ص ١٨٣ - ١٨٥.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٢٣٣؛ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٤/ ٢٨٠ - ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>