ويأتي هنا عادة المقارنة بين حكم الفرد وحكم الأكثرية، فيقول كما أنكم تقبلون بحكم الفرد ولو خالف الشريعة، فكذلك نحن هنا نقبل بحكم الأكثرية إن خالفت الشريعة.
وحقيقة هذا السؤال يكشف لك الإشكال بدقة.
فالمتغلب الفرد إن خالف الشريعة فلا مشروعية لمخالفته ولا يجوز طاعته، وأي قرار يصدر منه مخالف للشرع فلا اعتبار له.
بينما هم هنا يقولون إن الأكثرية حين تخالف الشريعة فهذا من حقها، ولها مشروعيتها، ولا مشروعية إلا من خلالها.
وهنا يظهر أن إرادة الأكثرية حسب هذا المفهوم تأتي في معارضة الشريعة وليس في معارضة الفرد، لأنها تعطي الأكثرية صلاحية مخالفة الشريعة.
نعم، لو قالوا إن الأكثرية مقيدة بالشريعة -كما هو قول عامة الباحثين- لما كان ثم نزاع، ولأصبحت الأكثرية في مقابل الفرد، أما إن أعطيتها صلاحية تجاوز الشريعة فالأكثرية هنا صارت مرجعية في مقابل مرجعية.
المرجعية العليا لمن؟
من الأسئلة المركزية هنا: ماذا لو اختار الناس غير الإسلام؟
وفائدة هذا السؤال أنه يكشف المرجعية العليا لمن؟ هل هي للأكثرية أم للشريعة؟ تمامًا كبقية الأسئلة التي تورد على الأفكار والاتجاهات لكشف مضامينها وحقائقها.