للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن عموم النص قد يكون ضعيفًا أو محتملًا لبعض الأفراد فيتم تخصيصه بناءً على نص آخر أو قياس أو مصلحة ضرورية أو حاجية ملائمة للشريعة، مع اختلاف بينهم في مدى إعمال هذه القاعدة وفي المسميات الأصولية التي يطلقونها على هذا الباب، فحقيقته في النهاية أنه من تخصيص النص بالنص، ومن إعمال النصوص جميعًا، ومن منهجية دفع التعارض عن النصوص (١).

فالطوفي لم يخرج عن قاعدة الأصوليين هذه، لكن تعبيره عن رأيه الفقهي بهذه الطريقة (تقديم المصلحة على النص) لم يكن موفَّقًا، ولا مهذَّبًا مع الدليل الشرعي، وقد كان سببًا لأن يتخذ مسمارًا تشق به كلُّ قطعيات الشريعة، وأصبح الطوفي بعدها منبرًا يعلو عليه كلُّ محرِّف تائه ليصرخ في وجه الشريعة باسم الطوفي، فرحمه اللَّه وعفا عنه.

كما أن الطوفي لم يمثل للمصلحة التي تقدَّم على النص، وهو ما يؤكد أنه لا يقصد المصلحة العقلية المحضة التي يقصدها أصحاب القراءات الجديدة للنص الشرعي، بل يقصد المصلحة الشرعية التي جاءت الشريعة باعتبارها، وفي


(١) حَمْل كلام الطوفي على جادة عموم الأصوليين في الموضوع هو ما توصل إليه بعض الباحثين المعاصرين كالباحث أيمن جبريل الأيوبي في رسالته القيمة (مقاصد الشريعة في تخصيص النص بالمصلحة) حيث جمع كلام الطوفي بعضه إلى بعض فحكم بناء عليه أن الطوفي غير خارج عن المنهجية الأصولية، غير أن في تقرير الطوفي من العبارات المشتبهة والمجملة والملبسة ما دفع بأكثرية المعاصرين إلى مخالفة هذا الرأي وحمل كلامه على تقديم المصلحة العقلية على النص أو تقديمها على النص القطعي أو نحو هذا مما يعد فيه الطوفي شاذًا عن الطريق الأصولي، ومن هؤلاء -على سبيل المثال- مصطفى زيد في المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي، محمد سعيد رمضان البوطي في ضوابط المصلحة في الشريعة الاسلامية، أحمد الريسوني في نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، وغيرهم كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>