لا تنتج ما يريدون، فاضطروا إلى تأويلها وتحريفها حتى لا تكون عائقًا عن الحداثة والتقدم، بل إن بعضهم لم يلتفت إليها أصلًا إلا لما رأى أن الناس منجذبون إلى هذه النصوص، فعُلِم أن مجرد الإعراض عن النصوص لا يكفي، فلا بد من عودة إليها لتخليص العقل المسلم من الانجذاب نحوها، فشتان بين من ينظر في النصوص ليهتدي بها ويسير وراءها ممن يفكِّر خارجها ولا يأتي إليها إلا لمهمة التخلُّص منها.
فنهاية الأمر في تقديم المصلحة على النص هو أن تكون النصوص عبئًا لا فائدة منها؛ فالإنسان يتبع مصالحه أينما كانت، فإن وافق المصلحة عمل بالنص اتباعًا للمصلحة، وإن خالفه عمل بالمصلحة، فكان وجود النص عبئًا وتلبيسًا وإشغالًا للناس لا غير، وهو نتيجة طبيعية لمن ينظر للمصلحة بمعيار يختلف عن معيار الشريعة، فالنصوص إنما جاءت بما فيه مصلحة الإنسان في الدنيا والآخرة، فافتراض التعارض بينها وبين المصلحة افتراض مغلوط وسؤال خاطئ؛ لأنه يفترض أن النصَّ شيء يختلف عن المصلحة، بينما النصوص في الحقيقة لا تأتي إلا بأكمل المصالح وأشرفها؛ فالتعارض لا يكون بين المصلحة والنص، بل بين مصالح الشريعة التي جاءت بها النصوص والمصالح الكاذبة التي تأتي بها أهواء النفوس.
ومع كل هذا ستبقى مقولة (تقديم المصلحة على النص) حاضرة في مشهد التحريف والعبث المعاصر، وسيبقى الطوفي -رحمه اللَّه- حاضرًا على لسان وقلم كل عابث، وما كان يدور في خلدِ أحد أن عبارة قيلت قبل سبعة قرون ستكون ذريعة وسترًا شرعيًا لأرتال العبث الفكري المعاصر، وهذا نموذج لخطورة