أحد، فاختر أي قول تراه ثم قل:(خلافيٌّ) و (ظنيٌّ) و (متغير) و (اختلاف في الفهم) وينتهي حينها الموضوع!
نعم، في الشريعة مساحة واسعة للقضايا الظنية، وفيها خلاف فقهي كبير، وتتضمن متغيرات عدَّة، ويقع فيها اختلاف في الفهم والتأويل وتحوي مدارس مختلفة فيه، لكن هذا لا يعني أن يتوقَّف التذكير بضوابط الشرعية ويتعطَّل الإلزام بها:
أولًا: لأن الشريعة ليست كلها ظنية وخلافية ومتغيرة، بل ثَمَّ مساحة للقطعيات والمتفق عليها في الشريعة، وحين يبادر الشخص فيتعلق بحبل الظنيات والخلافيات مباشرة لتجاوز أي إشكال يرد عليه فإنه سيتعلق به مرة أخرى في القطعيات والمجمَع عليها في ما بعد، حتى تلاحظ بجلاء أن كافة الرؤى المتضمنة انحرافًا صريحًا تقول دائمًا حين تذكَّر بالشريعة: هذه مساحة خلافية وظنية!
الثاني: أن وصف القضايا بكونها (ظنية) أو (خلافية) لا يعني أنها أصبحت مرسلة وفارغة وغير ملزمة، أو أنها مساحة اختيار من متعدد ينتقي منها الإنسان ما يشاء، أو يختار من واقعه وفكره ما يروق له ويصبح في حِل من نصوص الشريعة وأحكامها ما دام فيها خلاف أو ظن!
ليست هذه منهجية مقبولة في الشريعة، فإذا كان ثَمَّ خلاف وظن في كثير من أحكام الإسلام فإن ثَمَّ منهجًا قطعيًا مجمعًا عليه في كيفية التعامل معه، هو أن يبذل الإنسان جهده ويسعى للوصول لأرجح ما يعتقد من خلال منهجية علمية موضوعية تتقصَّد الكشف عن مراد اللَّه قَدْر الطاقة {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى: ١٠]، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، فالتنازع يذهب به إلى كتاب اللَّه وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس هو إشارة