مفاسد عظيمة بما يتطلب تأجيل بعض الأحكام والسعي لتطبيق ما يمكن، وهو ميزان شرعي معتبر قائم على ميزان الاستطاعة والإمكان {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] ومن الاستطاعة الشرعية المعتبرة أن لا يترتب على إزالة المنكر منكر أعظم.
هذا الواقع دفع فئة من الناس إلى عدم اعتبار ميزان الاستطاعة، ولا النظر إلى المصالح والمفاسد، بما ينشأ عنه مواقف أو أحكام مخالفة قطعًا للإسلام يتم توظيفها للإساءة إلى أحكام الإسلام والدفع نحو تعميق مشاريع الانحراف.
ودفع هذا الواقع فئة أخرى لتخلط بين الأصل والاستثناء، وما يراعى ابتداءً وما يراعى من أجل ظرف معين، فتحكم بمشروعية أي فعل ما دام أن الواقع الراهن يدفع باتجاهه ولو خالف أحكام الشريعة وقطعياتها، وتبحث في سبيل ذلك عن أي تأويل أو مخرج مناسب، ويتم من خلاله تحريف الشريعة والعبث ببعض أحكامها، حتى يجد نفسه في النهاية قد تبنى الرؤية العلمانية من حيث يظن أنه يسير في مناقضتها، وهو ما دفع سؤالًا مشروعًا يحرج بعض الإسلاميين عن الفرق الموضوعي بينهم وبين الرؤية العلمانية؟ فجاء حينها تقسيم العلمانية إلى علمانية متطرفة رافضة للدين لا يمكن التصالح معها، وعلمانية معتدلة محايدة ليس لدينا مشكلة كبيرة معها!
زاد التحدي أيضًا أن مقولات العلمانيين وقوة إعلامهم وطبيعة المناخ الثقافي المعاصر أثر على بعض الإسلاميين فصار متشربًا لبعض أفكار العلمانيين ومقولاتهم، وصارت الأفكار العلمانية تتردد في أفواه أولئك الإسلاميين.