وحين يقول بعض الناس: إن الإسلام والحقَّ قوي ببراهينه فلا يُخَاف عليه. فهو لا يفقه أن الإشكال ليس مع الحق ولا مع الإسلام، الإشكال مع هذا الشاب الذي قد يسقط لأنه لم يفهم حقيقة الإسلام، وما امتلأ قلبه بالتسليم والانقياد له، ولأنه قد وقع ضحية غش فكرية بتحريضه على دراسات فكرية لا يستطيع أن يحاكمها فكان دورها أن تكسر أرضية الثبات لديه ليخرج منها حائرًا لا يلوي على شيء.
هذه العوامل الثلاث (التزهيد في اليقين، تفكيك الأصول الشرعية، الدفع نحو الانفتاح الفوضوي) هي البيئة الحقيقية للانحرافات التي تعصف ببعض الشباب، وهي بيئة حاضنة تهيئ الشاب للانحراف، وتجعل روحه محلًا قابلًا للتصورات الفاسدة.
هل معنى هذا أن الانفتاح بالقراءة والثقافة والاطلاع بيئة حاضنة للانحراف؟
بالتأكيد لا، بل إن القراءة والاطلاع مما يزيد الإنسان علمًا وعقلًا وفهمًا ويقوي من أدواته البحثية والفكرية، وكثير من علماء الإسلام ودعاته هم من أكثر الناس قراءة واطلاعًا على كافة العلوم.
إنما الخلل من جهات ثلاثة:
١ - التركيز على القراءات الفكرية والفلسفية المقتصرة على التشكيك والتشغيب على الثوابت والمحْكَمَات، وهي ذات فائدة يسيرة في خضم مفاسدها ودوامة شكوكها، وإهمال الفضاء المعرفي الواسع من علوم الاقتصاد والسياسة والتربية والإدارة والقانون وبقية العلوم التجريبية وغيرها.