نصحهم ووعظهم حتى يقوموا بأحكام الدين برغبتهم واختيارهم، وأما مع الإلزام فهو إكراه ينافي الإسلام ويؤدي للنفاق.
وثم تفاوت في إعمال هذا الكلام:
فبعضهم: ينفي بسبب هذا عن الإسلام أي إلزام، ويجعله مجرد رسالة روحية فردية بين العبد وبين ربه ولا علاقة له بنظام ولا حكم لأن حين يرتبط بسلطة وإلزام يتحول من رسالة هداية إلى وسيلة قمع.
وبعضهم: يأتي بمثل هذا الكلام لكن في جانب معين وهو ما يتعلق بالرأي، فحرية الرأي مكفولة مهما تجاوزت أصول الإسلام ومحكماته ما دام ليس فيها اعتداء على أحد، لأن إي إلزام أو منع سيعزز النفاق.
وبعضهم: يجعل هذا الأصل سببًا لتعليق الإلزام بأحكام الشريعة بطريقة معينة، بحيث يكون الإلزام مستمدًا شرعيته من التصويت واختيار الناس لا من كونه حكمًا شرعيًا، فإذا اختار الناس الإلزام بهذه الطريقة فلا بأس، وإلا فهو مرفوض، ولا يمكن تطبيق الشريعة بغير هذه الطريقة وإلا كان هذا سببًا لخلق مجتمعٍ منافق.
فهذه اتجاهات مختلفة كلّها تستدل -بشكل أو بآخر- بشبهة ترتب النفاق على الإلزام بالشريعة.
إذن: الحديث هنا ليس عن الإيمان بالحكم الشرعي، بل عن مستوى الإلزام.
لا حاجة هنا أن يعترض أحد فيقول (إن صاحب هذا الاستشكال لا يؤمن بالنص ولا بحكمه) لأن هذا ليس محلّ السؤال، الحديث تحديدًا عن الإلزام بالحكم.