للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلاهما واجبان شرعيان وطريقان صحيحان لتزكية النفس وتطهيرها ودفعها نحو طاعة اللَّه وعبادته.

ثم إن الإلزام بالشريعة هو سبب لتطهير النفس وتزكيتها من الأمراض والأهواء وتصحيح مسارها وتقوية مراقبتها للَّه.

فالله تعالى يقول: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [النور: ٤٧].

فترك التزامه بالتحاكم ينفي عنه صفة الإيمان، فالإلزام جزء من الإيمان، وقد أثنى اللَّه عليهم {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١] فالإلزام فلاح ونجاة وهذا معنى عظيم من معاني التزكية.

فالتزكية إنما تكون بالقيام بأوامر اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وترك نواهي اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليست التزكية حالة روحانية شعورية خارجة عن الشريعة، فبقدر ما يلتزم بالعبادة والطاعة -والتي منها الإلزام- بقدر ما تحصل التزكية، وبقدر ما يبتعد عنها تضعف التزكية، فالتزكية غاية شرعية تقوم على وسائلها الشرعية.

هذه أوجه عديدة متفرقة لتفكيك هذه الإشكالية الشائعة في عصرنا، إشكالية تتوهم أن تطبيق أحكام الإسلام سيورث النفاق ويؤدي إلى النفاق، وأيًا ما كان مقصد الشخص في الاستدلال بها، هل يريد بها نفي الالزام مطلقًا عن الشريعة كما هي الرؤية العلمانية أو يريد تعليق الالزام بطريقة معينة لكي تتوافق مع الثقافة الحداثية المعاصرة أو يريد غير ذلك، فهي قاعدة باطلة تقوم على أساس موهوم وأينما توجهت بها لا تأت بخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>