للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نشأت فكرة السيادة نتيجة الصراع الذي جرى في القرن السادس عشر الميلادي في فرنسا بين الملوك من جهة، والإقطاعيين والباباوات من جهة أخرى، فكانت هذه النظرية سندًا فكريًا للملوك لفرض سيطرتهم الداخلية ضد الأمراء الإقطاعيين، ولفرض سيطرتهم الخارجية ضد الإمبراطور والبابا، وإذا كانت الكنيسة تتمتع بنظرية الحق الإلهي لشرعنة طاعتها وخضوع الناس لها، فإن الملوك اتخذوا نظرية السيادة سندًا شرعيًا لفرض طاعتهم، حيث صار الانضواء تحت الملك في تلك الحقبة عند عدد من الفلاسفة طوق نجاة للخلاص من التشرذم والانقسام الذي أحدثته الحروب الدينية، ثم تحولت السيادة بعد ذلك فانتقلت من الملك إلى الأمة على يد الثورة الفرنسية (١).

لهذا؛ ذهب عدد من المعاصرين إلى عدم الحاجة إلى طرح هذا السؤال في الفكر السياسي الإسلامي، فهو قد نشأ في ظل ظرف تاريخي واجتماعي مختلف، وبغرض تحقيق هدف معين، ولهذا فلا معنى لتكرار إعادة السؤال بعد إنتهاء الحاجة منه في ظل مجتمع إسلامي لا يعاني إشكالية الإقطاع ولا إشكالية السلطة الدينية التي كانت تسود التاريخ الأوروبي (٢)، خصوصًا (أن الثظرية الإسلامية لا تعرف مثل هذه السلطة المطلقة، وإنما السلطة طبقًا لها ترد عليها قيود مهمة) (٣). فالشريعة إنما عرفت السلطة والسلطان، أما السيادة بهذا المعنى فـ (إن الاعتراف بالسيادة لأي


(١) انظر: تطور الفكر السياسي لجورج سباين، ٣/ ٥٤٩، مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي، ١٧١ - ١٧٢، الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم، ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) انظر: مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي، ١٧١ وما بعدها، أصول نظام الحكم في الإسلام لفؤاد عبد النعم، ١١٥، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم.
(٣) الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم، ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>