للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك أصبح (الولاء) و (البراء) في معاملة غير المسلمين متعلقًا بظرف زماني كان العداء فيه ظاهرًا بين المسلمين ومخالفيهم، فكان لابد من حضور وصف البراءة منهم، ومن لا تكون حاضرة لديه فهو مظنة تهمة على ميله وتعاطفه مع العدو المحارِب للدولة، وقد زال هذا المعنى مع الدول المعاصرة التي تقوم علاقاتها على المصالح الدنيوية دون اعتبارات أخرى.

والضوابط الشرعية التي يلزم النظام حفظها في العلاقة بين الرجل والمرأة هي محاربة الابتزاز وتجريم التحرش الذي تقرِّره القوانين المعاصرة لما فيه من تجاوز وتعدٍّ، مع إضعافٍ أو تغييبٍ للضوابط الدينية المحضة كالخلوة والتبرُّج وغضِّ البصر والخضوع في القول وغيرها.

وهكذا. . . تبقى الأحكام الشرعية على مسمياتها، بعد أن ينتَزَع منها الوصف الديني الذي لا يستقيم مع الذائقة العلمانية المعاصرة وتحوُّل الأحكام الشرعية إلى كيفيات ومواقع مختلفة لا تتصادم مباشرة مع التفكير العلماني المعاصر.

يا ليتهم علموا أن هذه الطريقة في التعامل مع أحكام الشريعة قد تحقق مكاسب سريعة في التخلُّص من إحراجات الأسئلة العلمانية المتلاحقة، وربَّما ترسم بعض صور الاستحسان على شفاه أقوام عن الخطاب الشرعي، غير أنَّها ستكون صك اعتراف منهم بأن الأحكام الشرعية بصورتها الحقيقية تعاني من الخلل والقصور، وأن هذا الاجتهاد المعاصر هو سبيل التخلص من أزمة العيب الذي يلاحق الأحكام الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>