للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كانت النظريات ليست في غالبها إلا مجرد انعكاسات للفلسفة التي يقوم عليها النظام السياسي الذي ظهرت في ظله أو انعكاسًا لواقع هذه النظم ذاتها، فإن محاولة الباحثين في الإسلام لتفسير النظم السياسية الإسلامية على هدى تلك النظريات لن يجرنا إلى أخطاء في التطبيق، وإنما إلى أخطاء فادحة في منهج البحث والدراسة.

فإن لكل نظام فلسفته وتاريخه ونظمه، والإسلام يستقل استقلالًا تامًا عن كل النظم كان تشابه من وجه أو آخر مع بعضها أو في أجزاء منها، لكنه يظل متفردًا من حيث ذاتيته وأساسه الاعتقادي على وجه الخصوص، ولا يصح أن نفسر أي نظام من نظمه إلا على ضوء أسسه الفكرية الخاصة) (١).

والتلفيق حالة من الوهن تحتاج لمثل هذه العزة والثقة:

(دفعهم حماسهم للإسلام إلى أن يثبتوا فيه بغير دراسة متعمقة كل ما يرونه قد راج في أسواق العالم المتحضر، متوهمين أن في ذلك خدمة جليلة للإسلام، فكأنه في أعينهم طفل يتيم ذليل لا يعيش إلا إذا جعل تحت رعاية رجل ذي جاه ونفوذ، أو هم يخافون أن لا تكون لهم عزة من حيث كونهم مسلمين ولا ينالون من الشرف شيئًا إلا إذا أخرجوا للناس مبادئ وأصولًا من دينهم مثل مبادئ النظم السائدة في عصرهم.

فإذا راجت الديمقراطية كان الإسلام ديمقراطيًا، وإذا راجت الاشتراكية كان الاسلام اشتراكيًا، وإذا راجت نظرية سيادة الأمة كانت هذه النظرية من نظريات الإسلام) (٢).


(١) رقابة الأمة على الحكام لعلي محمد حسنين، ١٨٤ - ١٨٥.
(٢) الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم، ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>