للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرؤية الأولى:

أن الإسلام لم يأتِ في الجانب السياسي ونظام الحكم إلا بمبادئ كلية عامة وليس فيه أي تشريعات أو أحكام تفصيلية، فالواجب في الحكم الإسلامي هو الشورى والحرية والعدالة والمساواة ونحوها، وليس ثمَّ أحكام للشريعة في السياسة والحكم سوى هذه المبادئ.

حين نفحص هذا الوعاء نجد أن المبادئ العامة أمور كلية فطرية متفق عليها بين جميع الناس، فلا وجود لمنظومة فكرية ذات بال تقول إنها ترفض الحرية أو العدالة أو المساواة، وإنما الخصومة والنزاع دائمًا في التفصيلات والتشريعات الجزئية.

وعندما بحث الأستاذ القانوني د. عبد الحميد متولي الخلاف في مسألة الإسلام دين ودولة وذكر قول علي عبد الرازق في نفي وجود دولة، وقول من يرى وجود دولة بمعنى مبادئ عامة؛ ذكر أنه لا خلاف بينهما على الحقيقة، وأن هذه الرؤية لا تختلف كثيرًا عن رؤية علي عبد الرازق، و (لو أن المسألة وضعت هذا الوضع لما كان ثمة موضع للخلاف؛ لأنه لا يمكن أن يكون ثمة خلاف في أن القرآن جاء بمبادئ الشورى والحرية والمساواة والعدالة وغيرها مما يتعلق بنظام الحكم) (١).

وهذه المبادئ الإسلامية كما يقول أحدهم ساخرًا: (ليست هذه القيم سوى المعاني الديمقراطية ذاتها بعد ترجمتها إلى المصطلحات الإسلامية) (٢).

الرؤية الثانية:

أن مهمة الدولة في الإسلام هي حفظ الحقوق ورعاية الحريات وتوفير مناخ


(١) مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي، ١٠٥.
(٢) برهان غليون في النظام السياسي في الإسلام، ١٨٤، حوار بين د. برهان غليون ود. محمد سيم العوا، ضمن مطبوعات دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>