للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَلماني حساسية من مبادئ العدل والحرية والشورى والمساواة حين تكون مجرد مبادئ كلية عامة، وأما المصلحة فالفكر العَلماني إنما يدعو من قديم لأن تعتمد المصلحة بعيدًا عن الأحكام التشريعية التفصيلية.

الفرق الثاني: أن العلمانية ليست شيئًا واحدًا ولا فكرًا محددًا، فيمكن بمثل هذه الرؤية التقريب والتوافق مع تفسير معين للعَلمانية لا يحمل عداءَ للإسلام وأهله، فهؤلاء يمكن تبئي موقفًا قريبًا من موقفهم لأن رؤيتهم لا تعارض الإسلام وإنما الخلاف مع العَلمانية المعادية للإسلام.

إذن، ليس ثَمَّة مشكلة كبيرة مع الفكر العَلماني المعتدل الذي لا يعادي الدين؛ لأنه في النهاية حصل اتفاق على إبعاد أي أحكام شرعية ملزِمة من الحكم، وصار الاعتماد على المصلحة المتغيرة؛ فأساس الخلاف بين الإسلاميين والعَلمانيين هو في الإلزام بأحكام بناءً على رؤية دينية، وحين لا يعتمد النظام السياسي الإسلامي على أي أحكام شرعية محددة فقد حصل الاتفاق والتقارب بين الفكر العَلماني والإسلامي.

ربما يفرح بعض الناس بهذا التقارب على أنه حل وسط وخيار جديد للعمل الإسلامي المعاصر، لكن واقع الأمر -بكل أسف- أنه ليس خيارًا جديدًا، بل هو تحويل للنظرية الإسلامية لتكون متوافقة مع المنظومة العَلمانية التي لم تغير شيئًا من منهجها، بل بقيت في مكانها وجاءت إليها المنظومة الإسلامية بعد أن حققت الحد الأدنى من الشرط العَلماني المقبول.

يتوهم أن الصراع (الإسلامي - العلماني) قديمًا كان مع العَلمانيين المتطرفين الذين يعادون الدين ويسعون لاستئصاله، فيشعر بارتياح لأنه استطاع أن يكسب

<<  <  ج: ص:  >  >>