للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالانتماء العميق للإسلام في نفوس أكثر الناس غرس فيها مغناطيس تجذب أي رؤية حقوقية تنطلق من أحكام الإسلام ومبادئه.

لكن هذا لا يكفي، فالفكر الليبرالي يملك من المقومات الفكرية والحشد الإعلامي والسياسي والمالي والدعم الخارجي ما يجعله قادرًا على تغيير مفاهيم الناس وإقناعهم بالنموذج الليبرالي؛ فحالة الحقوق والحريات التي أظهرت العمق الإسلامي الشعبي يمكن أن تكون نافذة لتسلل الليبرالية في نفوس المسلمين.

يستدعي هذا من الدعاة والعاملين للإِسلام العناية بأمرين:

الأول: توضيح المفهوم الإسلامي للحقوق والحريات وإظهاره بشكل جلي حتى يكون الناس على بيِّنة من أمرهم، فلا تلتبس عليهم المفاهيم، فوضوح المعنى الشرعي كافٍ لأكثر الناس؛ لأنهم مؤمنون بالإسلام فيسلِّمون بكلِّ أحكامه ديانة وانقيادًا لأمر اللَّه وأمر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا تحتاج معهم سوى أن توضِّح المفهوم الشرعي وتكشف أيَّ لبس أو انحراف عنه؛ لأن حالهم {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، وابتعاد كثيرين عن الإيمان بالمفاهيم الشرعية راجع بشكل أساسي إلى جهلهم بها أو التباسها عليهم.

الثاني: إقناع الناس بأن النموذج الإسلامي للحقوق والحريات هو الأقدر على حفظ حقوقهم، وعنده من الضمانات ما ليست عند غيره، وفيه من الخصائص ما يعمِّق من تأثيره بما تعجز عنه بقية النماذج، وهذا الخطاب نافع جدًا لكثيرٍ من الناس الذين لديهم شكٌّ أو تردُّدٌ في تبنِّي النموذج الإسلامي فيضعفون عن المطالبة بالحقوق الشرعية لضعف قناعتهم به، كما أن مثل هذا الخطاب الواقعي العقلاني سيحفظ المسلِّمين لأحكام الإسلام من تسلل المفاهيم الليبرالية جرَّاء ضغط دلائلها وبراهينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>