للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبقى أن ثَمَّ عاملين مُشكِلَين قد يكونا عامل إخفاق وتعثُّر للنموذج الإسلامي المعاصر:

العامل الأول: الخلل في التسوية بين الحالة المثالية والوضع الاستثنائي، فيعاملهما الشخص على اعتبارهما حالة واحدة، فإما يغلو فيطالب بتطبيق الحالة المثالية الشرعية في كافة الأوضاع من دون مراعاة لما تقتضيه الحاجة أو الضرورة أو الإمكان في تلك المجتمعات، ويتهم العاملين هناك بالقصور وتضييع الدين، وإما يفرِّط فيجعل الاستثناء هو الأصل، فينفي عن الشريعة كل ما لا يمكن تطبيقه من الأحكام الشرعية، ويعيد تركيب المفاهيم الشرعية على وَفْق الحاجات المعاصرة.

إنها غياب الرؤية الواضحة والميزان الصحيح في التفريق بين حالتي (الأصل) و (الاستثناء) فالمسلم مطالَب بتطبيق أحكام الإسلام بحسب الإمكان والاستطاعة، ومطالب في الوقت نفسه أن لا يحرِّف الأحكام الشرعية ولا يقوِّل الشريعة ما لم تقل، وهذا الخلط بارز للعيان بوضوح في المشهد الإسلامي المعاصر وهو مؤذن بتنازع يؤدِّي إلى الفشل.

العامل الثاني: الاختلاف في مفهوم النموذج الإسلامي وحدوده: حيث يستغل بعض الزائغين الاختلاف الفكري بين العاملين للإسلام من أجل ضرب النموذج الإسلامي بكليته، فينفي وجود نموذج إسلامي نظرًا لاختلاف الناس فيه، وهذا يتطلَّب ضرورة التأكيد على الأصول الكلية والقواعد القطعية في النموذج الإسلامي، وتحكيم الخلافات فيه إلى المنهج القطعي في التعامل مع الخلافات {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، ويمكن وضع كثير من

<<  <  ج: ص:  >  >>