أو مُجمَع عليها بين العلماء أو لا تكون معارِضة للعقل أو المصلحة أو مقاصد الشريعة. . . وخذ ما شئت من هذه الشروط والقيود التي لا تنتهي ولا تتوقف عند حد، وكلما جاء حديث على خلاف ما تهوى النفوس جاءت هذه الشروط والقيود للتخلص منه، وهي صورة منافية للتسليم الذي كان عليه أئمة الإسلام وفقهاؤه الكبار.
إن سنة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سياج واحد، واختراق حديث واحد وترك العمل به بلا سبب سيؤدي إلى مزيد من التهاون والتساهل بأجزاء أخرى من السنة يتسع تدريجيًا حتى يصل إلى تعطيل السنة كلها، وحين يعوِّد المسلم نفسه ويعتاد قلبه على وضع الشروط والقيود لما يقبله من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه يكون قد بدأ في شقِّ طريقٍ جديدة خارجًا به عن جادة أهل السنة والجماعة؛ فما يلبث أن يزداد انحرافه وشتاته إلى أن لا يبالي اللَّه به في أي أودية الضلالة هلك (ولهذا تجد من تعوَّد معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه إيمان)(١).
وتجد من يضع مثل هذه الشروط لا يجد نفرة أو غضاضة في قلبه من إنكار شيء من السنة ولو بلا سبب؛ لأن هذه الشروط لم تأتِ -أصلًا- إلا من حالة شك بأصل ثبوت السنَّة، فكان التهاون في حديث واحد نابعًا من مرض يثير التهاون في المزيد من السنة.
لقد كان علماء الإسلام مدركين تمامًا خطر التهاون ولو بحديث واحد من أحاديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويستحضرون أن ترك حديث واحد بلا عذر خرق يغرق سفينة