للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} (١).

ويطلق على الوطء، وعلى التزوج (٢)، وهو شرعاً: عقد الزوجية الصحيح.

قوله {مَا طَابَ لَكُم} «ما» موصولة، وإنما جاء التعبير بها وهي لغير العاقل أولغير العالم على الأصح (٣)، لأنه أريد بها الوصف لأن اختيار الرجل للمرأة لما قام بها من صفات طيبة، والصفات ليست من فصيلة العقلاء،: انكحوا الطيبات من النساء.

قال الزجاج (٤): «ما طاب» لم يقل «من طاب» والوجه في الآدميين أن يقال: «من» وفي الصفات لأسماء الأجناس أن يقال: «ما» فالمعنى فانكحوا الطيب الحلال .. لأنه ليس كل النساء طيباً».

وقيل: إن «ما» ليست على معناها، وإنما هي بمعنى «من» التي للعالم، لأنهما يتعاقبان، كما في قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أربع} (٥) والذي يمشي على أربع ليس بعالم. وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا. وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} (٦) (٧).

فـ «ما» في قوله (وما بناها) (وما طحاها) بمعنى «من»، أي: والسماء ومن بناها


(١) سورة الفرقان، آية:٥٤.
(٢) انظر «اللسان» مادة «نكح».
(٣) الأصح أن يقال «ما» لغير العاقل و «من» للعالم، كما قال ابن هشام، انظر «أوضح المسالك» ١/ ١٣٤ وانظر «ضياء السالك» ١/ ٤٢. واختار بعض النحاه هذا، لأن الله تعالى وصف نفسه بالعلم و «من» يستعمل في الدلاله عليه سبحانه في مثل قوله تعالى: {ءأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} سورة الملك الآيتان (١٦، ١٧) وصفات الله توقيفيه. كما أن «ما» جاءت للدلالة عليه سبحانه في عدة مواضع، وذلك على سبيل التبادل مع «من» كما في قوله تعالى {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} سورة الليل، الآية (٣) أي والذي خلق الذكر والانثى. وانظر «دليل السالك» للفوزان ١/ ١٢٩.
(٤) في «معاني القرآن وإعرابه» ٢/ ٥٠٤، وانظر «الكاشف» ١/ ٢٤٤، «المحرر الوجيز» ٤/ ١٥، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ١٢، «مدارك التنزيل» ١/ ٢٨٩.
(٥) سورة النور، آية:٤٥.
(٦) سورة الشمس، الآيتان: ٥ - ٦.
(٧) انظر «التفسير الكبير» ٩/ ١٤١، «فتح القدير» ١/ ٤٢٠.

<<  <   >  >>