للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأمر في قوله {فانكحوا} محمول على الجواز (١) والإباحة، لأنه في مقابل المنع من نكاح اليتامى. والأمر بعد الحظر يفيد الإباحة (٢).

وعلى هذا فليس في الآية هنا ما يدل على فضل تعدد الزوحات (٣)، وإنما استفيد ذلك من أدلة أخرى، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء» (٤).

وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (٥) ولا يقدح في جوازه، بل ولا في فضله كون كثير ممن يعددون الزوجات لا يعدلون بينهن أو لا يستطيعون القيام بحقوقهن وحقوق الأولاد، فإن هؤلاء لا يجوز التعدد في حقهم، أما من سواهم ممن يعدلون بين الزوجات ويستطيعون القيام بحقوقهن وحقوق الأولاد فالتعدد في حقهم أفضل، ولا يجوز تحريم ما أحل الله أو القول بأنه إنما يباح للضرورة فقط، لأجل أن فئاماً من الناس لا يقومون بما شرطه الله من العدل بين الزوجات (٦).


(١) انظر «جامع البيان» ٧/ ٥٤٧، «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٨٢.
(٢) وهذا يدل على ضعف قول من قال بوجوب النكاح استدلالًا بقوله {فانكحوا} والنكاح مندوب إليه وسنه من سنن المرسلين ومستحب من حيث العموم، وقد يجب وخاصة إذا خاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة ويكون تاره مباحًا أو محرمًا أو مكروه أوانظر «التفسير الكبير» ٩/ ١٤٠.
(٣) وقد استدل بعض أهل العلم بالآية على أفضلية التعدد، وأنه هو الأصل منهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى. انظر «فضل تعدد الزوجات» ص ١٧، ١٨.
(٤) أخرجه البخاري في النكاح٥٠٦٩.
(٥) سيأتي تخريجه ص٤٩.
(٦) تعصب لهذا القول وهو أن التعدد إنما يباح للضروره فقط صاحب «تفسير المنار» معللاً أو متأثراً بواقع كثير ممن يعددون الزوجات ولا يعدلون بينهم ولا يؤدون حقوقهن وحقوق أولادهن وما يحصل بين الضرائر وبين أولادهن من العداوات والمفاسد. وهذا كله لا يبيح قصر التعدد في حدود الضرورة، وقد دلت الأدلة على جوازه بل على فضله. انظر «تفسير المنار» ٤/ ٣٦٦ - ٣٧٠.

<<  <   >  >>