للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو داود: «يعني القلب». وهذا الحديث وإن تكلم فيه وضعف، فمعناه صحيح، فإن القسم واجب فيما يملك الإنسان، أم مالا يملك فلا مؤاخذة فيه: كالمحبة والجماع، لكن لا يجوز أن يجمع نفسه لزوجة دون أخرى كما قال الفقهاء رحمهم الله.

قال ابن القيم (١) أثناء ذكره لفوائد أحاديث قسمه - صلى الله عليه وسلم - بين زوجاته فيما يملك، قال: «ومنها أنه لا تجب التسوية بين النساء في المحبة، فإنها لاتملك، وكانت عائشة رضي الله عنها أحب نسائه إليه، وأخذ من هذا أنه لا تجب التسويه بينهن في الوطء، لأنه موقوف على المحبة والميل، وهو بيد مقلب القلوب. وفي هذا تفصيل وهو: أن تركه لعدم الداعي إليه، وعدم الانتشار فيه معذور، وإن تركه مع الداعي إليه، ولكن داعيه إلى الضرة أقوى، فهذا مما يدخل تحت قدرته وملكه، فإن أدى الواجب عليه منه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية، وإن ترك الواجب منه فلها المطالبة به».

١٨ - وجوب الاقتصار على زوجه واحدة، وترك التعدد، إذا خاف ألا يعدل بين الزوجات لقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.

١٩ - إباحة الاستمتاع بما شاء من ملك اليمين، وأنه لا يجب القسم بينهن، وليس لهن من الحقوق مثل ما للحرائر (٢)، ولهذا جعلهن الله بمثابة الواحدة فقال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (٣):

«أباح مما ملكت اليمين ما شاء


(١) في «زاد المعاد» ٥/ ١٥١.
(٢) لكن يستحب العدل بينهن، ولهن من الحقوق ما يجب مراعاته من حسن الملكية والرفق بالرقيق.
انظر: «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣١٤. «تفسير ابن كثي» ٢/ ١٨٤.
(٣) في «مجموع الفتاوى» ٣٢/ ٧١ وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣١٤. لكن لو تزوج حرة على أمه فقد قضى عمر بن الخطاب وعلى ابن أبي طالب رضي الله عنهما للأمة ليلة وللحرة ليلتين، وبهذا أخذ الإمام أحمد رحمه الله. انظر «زاد المعاد» ٥/ ١٥٠.

قال ابن القيم: «وقد احتج الإمام أحمد بهذا القضاء عن علي - رضي الله عنه -، ولا يعرف لعلي مخالف من الصحابة وهو قول جمهور الفقهاء إلا رواية عن مالك: أنهما سواء، وبه قال أهل الظاهر. قال ابن القيم: وقول الجمهور هو الذي يقتضيه العدل، فإن الله سبحانه لم يسو بين الحرة والأمة، لا في الطلاق، ولا في العدة، ولا في الحد، ولا في الملك، ولا في الميراث ولا في الحج ولا في مدة الكون عند الزوج ليلًا أو نهاراً أو لا في أصل النكاح، بل جعل نكاحها بمنزله الضرورة، ولا في عدد المنكوحات، فإن العبد لا يتزوج أكثر من اثنتين، هذا قول الجمهور وروى الإمام أحمد بن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - قال: ويتزوج العبد اثنتين ويطلق اثنتين، وتعتد امرأته حيضتين واحتج به أحمد ورواه أبو بكر عبد العزيزعن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لا يحل للعبد من النساء إلا اثنتان وروى الإمام أحمد بإسناده عن محمد بن سيرين قال: سأل عمر - رضي الله عنه - الناس كم يتزوج العبد؟ قال عبد الرحمن بن عوف: ثنتين وطلاقه ثنتين، فهذا عمر، وعلى، وعبد الرحمن رضى الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف في الصحابه مع انتشار هذا القول وظهوره، وموافقته للقياس «زاد المعاد» ٥/ ١٥٠، ١٥٣ - ١٥٤.

<<  <   >  >>