للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعُ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (١).

وقد ذكر المفسرون أن هؤلاء الرجال كانوا يشتغلون بالتجارة، لكن إذا سمع الواحد منهم منادي الله «حي على الصلاة. حي على الفلاح» بادر بالإجابة حتى ولو كان الميزان بيداه ألقاه وذهب إلى الصلاة (٢).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلِّ خير» (٣).

أي القوي في دينه وبدنه وكل شيء.

ولا شك أن المؤمن ذا المال أنفع لنفسه وللمسلمين إذا وفق لمعرفة حقوق المال عليه وأدّاها. ففي الحديث الآخر «ذهب أهل الدثور بالأجور» (٤). والدثور هي الأموال. وإنما ذهبوا بالأجور لإنفاقها في سبيل الله.

بل إن العمل في طلب الرزق يقدم على طلب العلم إذا كان من يطلب العلم سيعيش عالة على غيره.

وقد ذكر بعض أهل العلم قصة طريفة في هذا المعنى، وهي أنه كان هناك أخوان: أحدهما يشتغل بالتجارة، والآخر متفرغ لطلب العلم على أحد المشائخ، فبينما كان هذا الذي يشتغل بالتجارة في سفره لطلب التجارة اشتد به الحر، فأوى إلى غار في أحد الجبال، واستلقى فيه ليستريح فرفع بصره، فإذا طائر كسيح مقطع الأجنحة، فتعجب: كيف يعيش هذا الطائر بهذه المفازة وهو بهذه الحال؟ فبينما هو في تفكيره وتعجبه إذ جاء طائر قوي فوضع الماء والطعام في فم هذا الطائر الكسيح،


(١) سورة النور، آية:٣٧.
(٢) انظر «تفسير ابن كثير» ٦/ ٧٣ - ٧٤.
(٣) أخرجه مسلم في القدر٢٦٦٤، وابن ماجه في المقدمة ٧٩.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان ٨٤٣، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة٥٩٥،وأبو داود في الصلاة ١٥٠٤،وابن ماجه في إقامة الصلاة ٩٢٧من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وأخرجه مسلم أيضاً في الزكاة ١٠٠٦ من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>