للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحد الذكرين إن وافق الآخر في أصل المعنى، كان كالقراءتين اللتين معناهما واحد، وإن كان المعنى متنوعا، كان كالقراءتين المتنوعتي المعنى، وعلى التقديرين فالجمع بينهما في وقت واحد لا يشرع. وأما الجمع في صلوات الخوف، أو التشهدات، أو الإقامة، أو نحو ذلك، بين نوعين، فمنهي عنه باتفاق المسلمين، وإذا كانت هذه العبادات القولية أو الفعلية لابد من فعلها على بعض الوجوه؛ كما لا بد من قراءة القرآن على بعض القراءات، لم يجب أن يكون كل من فعل ذلك على بعض الوجوه؛ إنما يفعله على الوجه الأفضل عنده، أو قد لا يكون. انتهى كلامه - رحمه الله -.

قال أبو محمد: وإذا تقرر هذا فإنه لا يجمع بين استفتاحين لحصول المقصود بالأول، فلم يصاد الثاني استفتاحا، وأيضا لم يجئ خبر قط بجمعهما، فإن قيل قد روى البيهقي من طريق بشر بن شعيب بن أبي حمزة أن أباه حدثه أن محمد بن المنكدر أخبره أن جابر بن عبد الله (١) - رضي الله عنهما - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استفتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمد،، وتبار، اسمك، وتعالى جد،، ولا إله غير، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له». (٢)


(١) هو: جابر بن عبد الله بن عمر بن حرام. أنصاري، سلمي. صحابي؛ شهد بيعة العقبة. وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ١٩ غزوة. أحد المكثرين من الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت له في أواخر أيامه حلقة بالمسجد النبوي ويؤخذ عنه فيها العلم. كف بصره قبل موته بالمدينة. - صلى الله عليه وسلم -. أنظر: الإصابة ١/ ٢١٤، والأعلام للزركلي ٢/ ٩٢.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي (رقم: ٢٣٥١) قال في نصب الراية (١/ ٣١٩): قال البيهقي في المعرفة (٢/ ٣٤٩) (رقم: ٣٠٠٧): وقد روي في الجمع بينهما عن محمد بن المنكدر، مرة عن ابن عمر، ومرة عن جابر، وليس بالقوي، انتهى .. ووجدت في كتاب العلل (ص ١٤٧) لابن أبي حاتم قال: سأل أحمد بن سلمة أبي عن حديث رواه إسحاق بن راهويه في أول كتاب الجامع عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجمع في أول صلاته بين: سبحانك اللهم وبحمدك، وبين وجهت وجهي، إلى آخرهما، قال إسحاق: والجمع بينهما أحب إلي، فقال أبي: هذا حديث باطل موضوع لا أصل له، أرى أن هذا من رواية خالد بن القاسم المدائني، وقد كان خرج إلى مصر، فسمع من الليث، فرجع إلى المدائن، فسمع منه الناس، وكان يوصل المراسيل، ويضع لها أسانيد، فخرح رجل من أهل الحديث إلى مصر فكتب كتب الليث هناك، ثم قدم بها بغداد، فعارضوا بتلك الأحاديث، فبان لهم أن أحاديث خالد مفتعلة، انتهى كلامه.

<<  <   >  >>