الليل»: قال بعض علمائنا؛ لأن ما قبل الظهر؛ كأنه من جملة الليل، ولذا يجوز الصوم بنية قبل الزوال. اهـ. وفيه أن تقييد نية الصوم بما قبل الزوال ليس لكونه من جملة الليل، بل لتقع النية في أكثر أجزاء النهار، والمراد بما قبل الزوال هو الضحوة الكبرى.
فالوجه أن يقال: في الحديث إشارة إلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}[الفرقان: ٦٢].
قال القاضي: أي ذوي خلفة يخلف كل منهما الآخر يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر. اهـ.
وهو منقول عن كثير من السلف، كابن عباس، وقتادة، والحسن، وسلمان، كما ذكره السيوطي في الدر.
وأخرج عن الحسن أنه قال: من عاز بالليل كان له في أول النهار مستعتب، ومن عاز بالنهار كان له في أول الليل مستعتب. اهـ. فتخصيصه بما قبل الزوال مع شمول الآية النهار بالكمال إشارة إلى المبادرة بقضاء الفوت قبل إتيان الموت، فإن في التأخير آفات خصوصًا في حق الطاعات والعبادات، أو لأن وقت القضاء أولى أن يصر إلى القضاء، أو لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه، ولا منع من الجمع لاجتماع الحكم، فإن قائله أُعطي جوامع الكلم. ا. هـ.
قُلت: في هذا الموضع شرع القضاء توسعة وتخفيفا في حق المعذور والأصل أن العبادة المؤقتة بوقت تفوت بفواته، ولا تقضى؛ لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد سواء كان الأمر في الأصل أمر إيجاب أو استحباب، وإنما عُهد الأمر بالقضاء في خطاب الشارع