للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ العَهْدُ المُؤَقَّت قَدْ يَجُوزُ لِلإِمَامِ أَنْ يُنْقُضَهُ بِلا سَبِبٍ، كَمَا يُحْكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَؤُلاءِ قَدْ يَحْتَجُّون بِقَولِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَومٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}.

فَإِنَّ هَؤُلِاءِ عَهْدُهُمْ كَانَ مُوَقَّتًا، وَنَقَضَهُ (١).

وَالثَّالثُ: وَهُوَ قَولُ الأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ المُطْلَقُ وَالمُؤَقَّتُ، وَأَنَّ المُؤَقَّتَ: لازِمٌ مِنَ الطَّرَفَينِ يَجِبُ الوَفَاءُ بِه، مَا لَمْ يَنْقُضُهُ العَدَوُّ، وَلِمَا يَجِبُ من الوَفَاءُ بِسَائِرِ العُهُودِ اللَّازِمَة.

وَأَمَّا المُطْلَقُ: فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ، إِنْ شَاءَ فَسَخَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْسَخْهُ، كَمَا فِي العُقُودِ الجَائِزَة، كَالوَكَالَة، وَالشَّرِكَة، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَهَذَا هُوَ القَولُ الآَخَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَولُ الشَّافِعِيِّ،


(١) قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (٢/ ٨٨٣): (والآية حجة عليهم؛ لأنه إنما أباح نبذ عهدهم إليهم إذا خاف منهم خيانة، فإذا لم يخف منهم خيانة لم يجز النبذ إليهم؛ بل مفهوم هذه الآية مطابق لمنطوق تلك).

<<  <   >  >>