للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مُقَارَنَةٌ بَينَ شِرْكِ المَجُوسِ وَشِرْكِ العَرَبِ]

وَممَّا يُبَيِّنُ الأَمْرَ فِي ذَلِكَ: أَنَّ المَجُوسَ هُمْ فِي التَّوحِيدِ أَعْظَمَ شرْكًا مِنْ مُشْرِكِيِّ العَرَب، فَإِنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ كَانُوا مُقِرِّينَ بَأَنْ خَالِقَ العَالَمِ وَاحِدٌ، كَمَا أَخْبَرَ اللهُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ فِي غَيرِ مَوضِعٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَقُولونَ: إِنَّ لِلْعَالَمِ صَانِعَين، وَهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ جَعَلَ لله أَولَادًا، وَقَالُوا: (المَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللهِ)، فَلَمْ يَكُونوا يَقُولونَ: (إِنَّ المَلَائِكَةَ يَخْلُقُونَ مَعَهُ)؛ بَلْ هُمْ مُعْتَرِفُونَ أَنَّ اللهَ خَالِقُ كِلِّ شِيءٍ، كَمَا ذَكَرَ اللهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، لَكِنْ كَانُوا يَجْعَلُونَ آَلِهَتَهُمْ شُفَعَاءَ وَقُرْبَانًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.

وقال تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}

وَأَمَّا المَجُوسُ: فَهُمْ يَقُولونَ بِالأَصْلَينِ: النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَيَقُولونَ: الظُّلْمَةُ خَلَقَتْ الشَّر، وَالنُّورُ خَلَقَ الخَيرَ.

<<  <   >  >>