للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ ذَوَاتِ المَحَارِم، وَلِهَذَا اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَحْرِيمِ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَيسُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَاب، وَتَكَلَّمُوا فِي جُبْنِهِمْ لأَجْلِ الأَنْفِحَة، لأَنَّ ذَبَائِحَهُمْ كَذَبَائِحِ المُشْرِكِينَ، وَجُبْنُهُمْ كَجُبْنِ المُشْرِكِين؛ وَلِهَذَا لمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ أَنَّ أَبَا ثَورٍ يجَعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَاب، ويُبِيحُ ذَبَائِحَهُمْ دَعَا عَلَيهِ أَحْمَدُ، وَذَكَر إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (١).


(١) قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (١/ ٩٦): (وأما تحريم ذبائحهم ومناكحتهم فاتفاق من الصحابة رضي الله عنهم؛ ولهذا أنكر الإمام أحمد وغيره على أبي ثور طرده القياس، وإفتاءه بحل ذبائحهم، وجواز مناكحتهم، ودعا عليه أحمد حيث أقدم على مخالفة أصحاب رسول الله، والصحابة كانوا أفقه وأعلم، وأسدَّ قياسًا ورأيًا، فإنهم أخذوا في الدماء بحقنها موافقة لقول رسول الله وفعله، حيث أخذها منهم، وأخذوا في الأبضاع والذبائح بتحريمها احتياطًا، وإبقاء لها على الأصل، وإلحاقًا لهم بِعُبَّاد الأوثان؛ إذ لا فرق في ذلك بين عبَّاد الأوثان وعبَّاد النيران، فالأصل في الدماء حقنها، وفي الأبضاع والذبائح تحريمها، فأبقوا كل شيء على أصله، وهذا غاية الفقه، وأسد ما يكون من النظر). =

<<  <   >  >>