للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ دِينِهِ، كما كَانَ المُشْرِكُوْن يَفْتِنُونَ مَنْ أَسْلَمَ عَنْ دِينِهِ (١)؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُوْنُ: إِذَا اعْتَدَوْا عَلَى المُسْلِمِين، وَكَانَ لهمْ سُلْطَانٌ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ قِتَالُهُمْ (٢)، حَتَّى لا تَكُوْنَ فِتْنَةٌ، حَتَّى لا يَفْتِنِوا مُسْلِمًا، وَهَذَا يَحْصُلُ بِعَجْزِهِمْ عَنْ القِتَالِ، وَلَمْ


(١) قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (٢/ ٥١٤ - ٥١٥): (وذلك لأن المقصود بالقتال أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، وأن لا تكون فتنة، أي: لا يكون أحد يفتن أحدًا عن دين الله، فإنما يقاتل من كان ممانعًا عن ذلك، وهم أهل القتال، فأما من لا يقاتل عن ذلك فلا وجه لقتله؛ كالمرأة، والشيخ الكبير، والراهب، ونحو ذلك).
(٢) قلت: وهذا الوجوب يتعين على جميع المسلمين يوم أن كانت الدولة الإسلامية واحدة، وكان واليها واحدًا بحيث يقاتل تحت لوائه، أما في هذا العصر الذي تعددت فيه الولايات، وأصبحت كل دولة لها ولي أمرها المستقل في الحكم والسياسة والنظام، فإن الوجوب يكون وجوبًا عينيًا متحققًا في أهل ذلك البلد الذي اعتدي عليه، ولا يعذر أحد منهم بتركه، أما في حق غيرهم فهو واجب أيضًا لكن على الكفاية، ما لم يترتب عليه مفسدة ظاهرة متحققة، فإن ترتب عليه ما ذكر، فإن لولي الأمر فعل الأصلح للإسلام والمسلمين.

<<  <   >  >>