للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيْ: مَا يَنْفَكُّ مُنَاخَةً، وَهَذَا جَوَابٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ «إلَّا» لَا تُزَادُ فِي الْكَلَامِ.

* الجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي مُطْلَقِ الدُّعَاءِ لَا فِي خُصُوصاتِ الْمَدْعُوِّ.

* الجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ المَعْنَى أَنَّ مَثَلَ هَؤُلَاءِ فِي دُعَائِهِمْ آلِهَتَهُم الَّتِي لَا تَفْقَهُ دُعَاءَهُمْ كَمَثَلِ النَّاعِقِ بِغَنَمِهِ، فَلَا يَنْتَفِعُ بنعقِتهِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي دُعَاءٍ وَنِدَاءٍ، وَكَذَا المُشْرِكُ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُعَائِهِ وَعِبَادَتِهِ إلَّا العَنَاءُ.

وَقِيلَ: المَعْنَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَفْقَهُ ما يَقُولُ الرَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ الصَّوْتِ؛ فَالرَّاعِي هُوَ دَاعِي الكُفَّارِ، وَالكُفَّارُ هُمْ البَهَائِمُ المَنْعُوقُ بِهَا.

* قَالَ سِيبَوَيْه (١): المَعْنَى: وَمَثَلُك يَا مُحَمَّدُ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ النَّاعِقِ وَالمَنْعُوقِ.

وَعَلَى قَوْلِهِ فَيَكُونُ المَعْنَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ودَاعِيهمْ كَمَثَلِ الغَنَمِ وَالنَّاعِقِ بِهَا.

وَلَك أَنْ تَجْعَلَ هَذَا مِنْ التَّشْبِيهِ المُرَكَّبِ، وَأَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ المُفَرَّقِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ مِنْ المُرَكَّبِ كَانَ تَشْبِيهًا لِلْكُفَّارِ فِي عَدَمِ فِقْهِهِمْ وَانْتِفَاعِهِمْ بِالغَنَمِ الَّتِي يَنعقُ بِهَا الرَّاعِي، فَلَا تَفْقَهُ مِنْ قَوْلِهِ شَيْئًا غَيْرَ الصَّوْتِ المُجَرَّدِ الذي هُوَ الدُّعَاءُ وَالنِّدَاءُ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ المُفَرَّقِ فَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِمَنْزِلَةِ البَهَائِمِ، وَدُعَاءُ دَاعِيهمْ إلَى الطَّرِيقِ وَالهُدَى


(١) نصه في «الكتاب»: (١/ ٢١٢): قوله ﷿: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾، وإنما شبهوا بالمنعوق به. وإنما المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع. ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى.

<<  <   >  >>