للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَنْعِقُ بِهَا، وَدُعَاؤُهُمْ إلَى الطريق والهُدَى بِمَنْزِلَةِ النَّعْيقِ، وَإِدْرَاكُهُمْ مُجَرَّدَ الدُّعَاءِ وَالنِّدَاءِ كَإِدْرَاكِ البَهَائِمِ مُجَرَّدَ صَوْتِ النَّاعِقِ، وَاللهُ أَعْلَمُ (١).

وقال (٢): سواءٌ كان المعنى: ومثلُ داعي الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع من الدواب إلا أصواتًا مجردةً، أو كان المعنى: ومثل الذين كفروا حين ينادون كمثل دواب الذي ينعق بها فلا تسمع إلا صوت الدعاء والنداء، فالقولان متلازمان، بل هما واحد، وإن كان التقدير الثاني أقرب إلى اللفظ وأبلغ في المعنى؛ فعلى التقديرين لم يحصل لهم من الدعوة إلا الصوت الحاصل للأنعام.

فهؤلاء لم يحصل لهم حقيقة الإنسانية التي يميز بها صاحبها عن سائر الحيوان.

* والسمع يراد به إدراك الصوت ويراد به فهم المعنى ويراد به القبول والإجابة والثلاثة في القرآن:

* فمن الأول: قوله: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١)[المجادلة: ١]، وهذا أصرح ما يكون في إثبات صفة السمع؛ ذَكَرَ الماضيَ والمضارعَ واسمَ الفاعل: (سمع) و (يسمع)، وهو (سميع)، وله السمع؛ كما قَالَتْ عَائِشَةَ : «الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ المُجَادِلَةُ تشكو إِلَى رسول الله وَأَنَا فِي جانب البَيْتِ، وإنه ليخفى علي بعض كلامها، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: ١] (٣).


(١) «إعلام الموقعين» (١/ ٣١٣ - ٣١٥) ط ابن الجوزي.
(٢) «مفتاح دار السعادة» (١/ ٢٩٤ - ٢٩٥) ط. ابن القيم وابن عفان.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ٤٦)، وابن ماجه (٢٠٦٣) وغيرهما من طرق عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة به. =

<<  <   >  >>