ويطول بنا القول، لو تتبعنا ما وصل إلينا من مؤلفات لغوية، ذات موضوع واحد، لعلماء عاشوا في هذه الفترة، كابن الكلبي المتوفى سنة ٢٠٤هـ، والفراء المتوفى سنة ٢٠٧هـ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة ٢١٠هـ، وابن الأعرابي المتوفى سنة ٢٣١هـ، وأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٤هـ، وابن السكيت المتوفى في سنة ٢٤٤هـ.
وقد عاش إلى جانب هؤلاء كذلك علماء آخرون، ألفوا معاجم شاملة للغة العربية، غير متخصصة في موضوع واحد، كالخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة ١٧٥هـ، الذي ألف معجم "العين"، وقد طبع جزء صغير منه، بتحقيق الدكتور عبد الله درويش في بغداد سنة ١٩٧٦م، ثم صدرت منه عدة أجزاء في بغداد منذ سنة ١٩٨٠م بتحقيق الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي. وبعد الخليل بزمن يسير جاء أبو عمرو الشيباني المتوفى سنة ٢٠٦هـ، وألف معجم "الجيم". وقد نشر هذا المعجم بعناية مجمع اللغة العربية بمصر سنة ١٩٧٥م.
وبعد هذه الفترة الأولى توقفت حركة جمع اللغة، واقتصر جهد اللاحقين من اللغويين، على تنظيم تلك المادة التي جمعها السابقون، وتبويبها طبقا لمناهج مختلفة، فنشأت عندنا ثلاثة أنواع من المعاجم العربية، أحدها: ينظم المادة على حسب المعاني والموضوعات، بجمع تلك الرسائل اللغوية المفردة -التي تحدثنا عنها من قبل- في مؤلف واحد، يضم أبوابا تشبه عناوينها عناوين الرسائل القديمة، ومن هذا النوع من المعاجم:"الألفاظ الكتابية" لعبد الرحمن بن عيسى الهمذاني المتوفى سنة ٣٢٠هـ، وقد طبع عدة طبعات آخرها بتحقيق الدكتور البدراوي زهران سنة ١٩٨٠م، ومعجم "متخير الألفاظ" لابن فارس اللغوي المتوفى سنة ٣٩٥هـ نشره هلال ناجي