للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقول غير ما قالوه، ولا أن نقيس قياسا لم يقيسوه؛ لأن في ذلك فساد اللغة، وبطلان حقائقها"١.

وفي هذا القول غلو وإسراف في منع القياس على ما اشتقه العرب. ومن أتباع هذا الرأي في العصر الحاضر، أولئك الذي يخطئون استخدام: "تكاتف" بمعنى: تعاون، أي وضع كتفه إلى جانب كتف زميله، صنع من يتعاون مع غيره في حمل شيء ثقيل، فهم يخطئون هذه الاشتقاق؛ لأنه لم يرد في هذه الكلمة عن العرب القدماء، وما دروا أن الاشتقاق مذهب من مذاهب العربية، الذي يجدد شبابها على مر الزمن، وأنه قياسي كما ذهب إلى ذلك جمهور اللغويين.

والنحت ضرب من ضروب الاشتقاق في اللغة، وهو أن تعتمد إلى كلمتين، أو جملة فتنزع من مجموع حروف كلماتها، كلمة تدل على ما كانت تدل عليه الجملة نفسها. ولأبي الحسين أحمد بن فارس، اليد الطولى في هذا الموضوع، فهو إمام القائلين بالنحت بين اللغويين القدامي؛ إذ يقول: "واعلم أن للرباعي والخماسي مذهبا في القياس، يستنبطه النظر الدقيق، وذلك أن أكثر ما تراه منه منحوت. ومعنى النحت أن تؤخذ كلمتان، وتنحت منهما كلمة تكون آخذة منهما جميعا بحظ"٢.

ويذكر ابن فارس، أن الخليل بن أحمد سبقه في هذا الرأي، وأنه يسير على منهجه في ذلك، فيقول: "والأصل في ذلك ما ذكره الخليل، من قولهم: حيعل الرجل، إذا قال: حي على. ومن الشيء الذي كأنه متفق عليه قولهم: عبشمي، وقوله:


١ الصاحبي ٦٧.
٢ مقاييس اللغة ١/ ٣٢٨.

<<  <   >  >>