للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلى أسيرا يمانيا١

ولا شك في أن السير على نهج الفصحى في النحت، يعين على ترجمة كثير من المصطلحات العلمية الكثيرة، التي لا تؤدي العربية معناها عادة إلا بكلمتين أو أكثر، كقولنا في العصر الحاضر: "الدبابات البرمائية" بدلا من "البرية المائية" مثلا. وهذا طريق آخر من طرق تجديد العربية.

أما "التعريب"، فإنها كلمة تطلق على العملية التي تجرى على الكلمات الأجنبية، حين يدخلها العرب إلى لغتهم، ويعني هذا أن تلك الكلمات المستعارة في العربية، لم تبق على حالها تماما، كما كانت في لغاتها، وإنما حدث فيها أن طوعها العرب لمنهج لغتهم، في أصواتها وبنيتها وما شاكل ذلك. وليس هذا الأمر بدعا في العربية، إذ تخضع في الغالب الكلمات المقتبسة، للأساليب الصوتية في اللغة التي اقتبسها، فينالها كثير من التحريف في أصواتها وطريقة نطقها، وتبعد في جميع هذه النواحي عن صورتها القديمة.

وكان هذا دأب العرب في جاهليتهم، تجري على ألسنتهم بعض الألفاظ، التي يحتاجون إليها، من لغات الأمم المجاورة لهم، بعد أن ينفخوا فيها من روحهم العربية، ويتلقفها الشعراء منهم، فيدخلونها في أشعارهم وأرجازهم.

وقد طال الأمد على كثير من هذه الألفاظ في الجاهلية، وألف الناس استعمالها وصارت جزءا من لغتهم، وربما نسوا أصلها في كثير من الأحيان، وجاء القرآن الكريم، فأنزله الله تعالى بهذه اللغة العربية، التي أصبح بعض


١ انظر: فصول في فقه العربية ٣٠٢-٣٠٣.

<<  <   >  >>