للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا المعرب من مقوماتها، فجاء فيه شيء من تلك الألفاظ، التي عربها القوم من لغات الأمم المجاورة.

وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين، يدركون ذلك تماما، فقد "روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم، في أحرف كثيرة "من القرآن الكريم" أنه من غير لسان العرب، مثل: سجيل، والمشكاة، واليم، والطور، وأباريق، وإستبرق، وغير ذلك ١".

ولكن قول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وقوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} ، جعل طائفة من مفكري الإسلام، تذهب إلى إنكار وقوع المعرب في كتاب الله، فهذا أبو عبيدة معمر بن المثنى، يقول: "من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية، فقد أعظم على الله القول".

وقد وازن أبو عبيد القاسم بن سلام، بين رأي شيخه أبي عبيدة، ورأي السلف الصالح، وانتهى إلى القول بعربية هذه الألفاظ، بعد أن عربتها العرب، فقال: "فهؤلاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة، ولكنهم ذهبوا إلى مذهب وذهب هذا إلى غيره، وكلاهما مصيب إن شاء الله، وذلك أن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل، فقال أولئك على الأصل، ثم لفظت به العرب بألسنتها، فعربته فصار عربيا بتعريبها إياه. فهي عربية في هذا الحال، أعجمية الأصل"١.

ولكن الشيخ أحمد محمد شاكر، يواصل في العصر الحديث، حملة أبي عبيدة في القديم، على من يقول بوقوع المعرب في القرآن الكريم، فقد راح يتعقب الجواليقي في كتابه: "المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم"، ويحاول أن يعثر على اشتقاق عربي للكلمات التي ذكرها الجواليقي


١ المعرب للجواليقي ٥ وانظر فصل التعريب في كتابنا: فصول في فقه العربية ٣٥٨-٣٦٨.

<<  <   >  >>