للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حذف أحد المقطعين المتماثلين: "أُكْرِمُ"، ثم حملت باقي صيغ المضارعة على هذه الصيغة، طردا للباب على وتيرة واحدة"١.

وقد فطن إلى ذلك أبو العباس المبرد، فقال: "أكرم يُكرم، وأحسن يُحسن. وكان الأصيل: يؤكرم، ويؤحسن، حتى يكون على مثال: يدحرج؛ لأن همزة: أكرم مزيدة، بحذاء دال: دحرج، وحق المضارع أن ينتظم ما في الماضي من الحروف، ولكن حذفت هذه الهمزة؛ لأنها زائدة، وتلحقها الهمزة التي يعني بها المتكلم نفسه، فتجتمع همزتان، فكرهوا ذلك وحذفوا إذ كانت زائدة، وصارت حروف المضارعة تابعة للهمزة التي يعني بها المتكلم نفسه، كما حذفوا الواو التي في: "يَعِد" لوقوعها بين ياء وكسرة. وصارت حروف المضارعة تابعة للياء"٢.

ويقول ابن جني في ذلك: "قولهم: أنا أكرم، حذفوا الهمزة التي كانت في: "أكرم"، لئلا يلتقي همزتان؛ لأنه كان يلزم: أنا أؤكرم، فحذفوا الثانية، كراهة اجتماع همزتين، ثم قالوا: نكرم وتكرم ويكرم، فحذفوا الهمزة، وإن كان لو جاءوا بها لما اجتمع همزتان، ولكنهم أرادوا المماثلة، وكرهوا أن يختلف المضارع، فيكون مرة بهمزة وأخرى بغير همزة، محافظة على التجنيس في كلامهم"٣.

كما يقول أبو البركات بن الأنباري: "وكذلك قالوا: "أكرم، والأصل فيه: أؤكرم، فحذفوا إحدى الهمزتين استثقالا لاجتماعهما. وقالوا: نكرم،


١ انظر: التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه ٧٠-٧١.
٢ المقتضب ٢/ ٩٧.
٣ المنصف ١/ ١٩٢ وانظر كذلك: شرحان على مراح الأرواح ٥٧.

<<  <   >  >>