لقد كان المؤمنون المخلصون يؤملون أن تنطلق هذه الصحوة الخيرة لتردم ما أحدثته الأفكار الكافرة والملحدة، والعقائد الزائفة المنحرفة من هوة سحيقة في كيان هذه الأمة التي اجتالت الشياطين عقول وأفئدة الكثير من أبنائها، وتطهر قلوبهم من ذلك الزيغ لتحل محله العقيدة الإسلامية الصحيحة، ثم تنطلق برسالة الله الى هذا العالم الفسيح فتعلو كلمة الله في الأرض. ولكن ما يحز في النفس أن يعمل بعض أبناء المسلمين على تحطيم أجنحة الصحوة وتكبيلها بقيود الخلاف غير المنضبط حول ما يسحق من الأمور وما لا يستحق، الأمر الذي شغل المسلمين بأنفسهم، وبدد الكثير من طاقاتهم، وخلط أمامهم الأشياء خلطا عجيبا جعلهم لا يفرقون بين الهنات والهيّنات وعظائم الأمور، وبين يسيرها وجليلها، فكيف يمكن لقوم هذا شأنهم أن يعالجوا قضاياهم حسب أهميتها وأن يرتبوا الأمور بشكل يجعلهم قادرين على استئناف مسيرة الحياة الإسلامية؟
إن إثارة الخلاف بين المسلمين، أو تنمية أسبابه خيانة عظمى لأهداف الإسلام، وتدمير لهذه الصحوة المعاصرة التي أحيت الأمل في النفوس، وتعويق لمسيرة الإسلام، وتشتيت لجهود العاملين المخلصين لا يرضي الله جلّ شأنه، ولذلك فإن من أكثر وأهم واجبات المسمين اليوم عامة والدعاة منهم خاصة بعد الإيمان بالله تعالى: العمل على توحيد فصائل حملة الإسلام ودعاته، والقضاء على كل عوامل الخلاف بينهم، فإن كان لا محالة فليكن في أضيق الحدود، وضمن آداب سلفنا الصالح، ولا يمنع اختلاف الآراء من التقاء القلوب