تخشى}. ونظائر ذلك كل فيه تقرير الزجر والردع والثبات عن عين الشيء وحقيقته، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
ثم الذي يدلك على ذلك أيضا من السنة ما قدمنا من حديث عطية السعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تكون من المتقين حتى تدع ما لا بأس به خوفا مما فيه البأس. فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم في الزجر عن أعيان الحرام خوفا، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه في الكتاب والسنة لما ذكرنا أصلا. ثم إنا وجدنا العادات في عرف الناس أنهم يوقعون الزجر عن الشيء فالتحذير منه بتسمية الخوف، ألا ترى أنهم يقولون نخاف من هلكة ما به تحذيرا، ويقال خاف على ولده تحذيرا بمثابة الزجر عن الشيء نصا، فإذا ثبت هذا في الأصول كان ما ذكرناه سالما وبالله التوفيق.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أن صيغة اللفظ لا تعطي الحتم فذلك فاسد إذ قد بينا إن صيغتهما تعطي الحتم، فعلى هذا يسقط السؤال ولو جاز أن يقال أن هذا لا يعطي حتما في الجواب جاز أن يقال إنه إذا قال: لا يعجبني هذا، إنه ليس بنهي عنه، فلما كانت هذه الألفاظ كلها علما للزجر والنهي ثبت بذلك سلامة ما ذكرناه.
وأما الجواب عن الذي قالوه من رده أنه نهى حيث قال: لا أعرف، هذا جوابه بالقطع على أنه يخاف القضية إلى ظاهرها حتم، وظاهر قوله لا أعرفه توقفا، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.