[باب البيان عن مذهبه لما سكت عند المعارضة ولم ينكره عند المباحثة]
صورة ذلك من المذهب ما قاله الميموني: قلت: للمدبر بهبة؟ قال: إذا باعه أنفع من العتق.
قال الميموني: إما أن يكون سكت عني أو قال لي: إن تأول متأول فما أصنع به، فالمذهب عندي في هذا الأصل ونظائره أنه ينسب إليه مذهبا، وإنه إذا سكت عند المعارضة في جوابه أو لزوم على أصل استدلاله أنه ينسب إليه من ذلك. وقد يحتمل ها هنا عندي وجها آخر وهو أن يكون سكوته لا عن قطع بالانقياد، بل على حد الارتياء والتأويل لذلك فلا ينسب إليه بذلك قول وهذا قول الأكثر من أصحابنا، ومن ذهب إليه سلك أن السكوت قد يكون لا يتأمل ما عورض به، ويستقر حاله في الأصل فيقضي به مما أوجبه الدليل، وقد يحتمل أيضا أن يكون خوفا أن لا يقضي به إلى مناظرة ومجادلة.
وأيضا فإن نفس السكوت لا يؤثر مذهبا قطعا، ألا ترى أن الفقيه قد يرى فقها يأتي عبادته من صلاته وغيرها مما فيه مخالفة وينكر عليه ولا يرتضيه ومع ذلك فلا يرد عليه ولا يخاصمه. فإذا ثبت هذا كان هذا يجري أمر الساكتين على أنهم غير قائلين فلا ينسب إليهم بغير يقين. وهذا كله فلا وجه له والدليل على ماذكرناه من الجواز لنسبة المذهب بذلك أنا وجدنا الفقيه لا سيما إذا كان إماما في نفسه، علما في مقامه أن يرى منكرا أو يشاهد باطلا، ويسمع قولا فاسدا إلا ويستحق عليه المبادرة إلى النكير على من أتى به، فإذا ثبت هذا