سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تطعنون في إمارته فقد طعنتم في إمرة أبيه من قبله، وأيم الله إن كان لخليق الإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده. وقد ثبت أن هذه تسمية مختصة بما يتعلق بشأن الإمارة، ولا يجوز أن ينطق أنه كان أحب إليه من الصديق ولا الفاروق ولا ذي النورين ولا زوج البتول. فإذا ثبت هذا علمت أنه قصد بذلك إلى قصد البيان عن الإمارة فكأنه كـ أحب الناس إليه فيما ولاه إياه من هذا البعث الذي طعنتم في ولايته فيه وهذا عبارة عن الإيجاب لا غير ذلك. ومن أدل الأشياء فتواه والذي تعلق بالحدود لا يجوز أن يدخله تخيير واستحباب إذ للقصاص لا يقال في أخذ اليدين أحب اليدان من اليد الواحدة إذا نيل من جناية لا يبعد، وإنما يدخل الاستحباب عبارة عن الإيجاب كأنه قال: هذا أحب لو أحسن إلي لا غير ذلك. وكذلك في كل مسائله في الكفارات وقيم الصدقات وأدى قيمة الإطعام في كل الكفارات، كل لا يدخله تخيير، وإنما يفصل بين الواجبين، وإن كان بلفظ التفضيل والاستحباب.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أصل المذهب فالروايات عن أبي عبد الله فذلك لا يضر ما إذ ليس بمجرد قوله أحب إلي في العيدين علم نفي الفرض، وكذلك في باب النزول بطرسوس وما قاله في الذبح إلى القبلة أنه أحب إليه كان ذلك ليس من ظاهر الجواب علم، وإنما علمنا ذلك من بيانه، فالمذهب باق بحاله فيما لم يقارن دليل إسقاطه.