الارتيابان يقول: لا أدري. وهذا مالك بن أنس أيضا في علمه أهل المدينة وأنه عند الالتباس. يجيب بأن يقول لا أدري فإذا كان رأسا كان ما ذكرناه في الدلالة أصلا.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أن هذا من المجيب نقص وتقصير، فلا تأثير له بل ذلك رفعة وتفضيل إذا دل الأشياء على منازل العلماء أن لا يقطعون إلا على ما انتفت شبهته، وأن ما جاءك في الصدر منه شيء يقوى عن أنفسهم العلم بعين الإصابة، وتوقفوا عن الإجابة، وهذا حقيقة لسان العلم ولأجل ذلك صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم في أجوبته فقد لا يجتهد ولا يجيب إلا بما ينزل عليه من الأمر نطقا، وقد ذكرنا عن الأئمة ما فيه غنية وبالله التوفيق.
وأما الجواب عن الذي قالوه من السؤال الثاني بقول النبي صلى الله عليه وسلم ألا سألوا إذا لم يعلموا. فذلك لنا إذ ليس في توقفهم معنى من حيث إنما ثبت من العلم أوجبت الارتياب أن الشافعي يقول في الحادثة قولين لا عن جهالة بطريق الأدلة التو توصل إلى إثبات الجواب لكن من حيث الاشتباه والتعارض في باب الأدلة. ومن ذلك مالك وغيره يقولون: لا ندري من حيث الجهل، لكن من حيث التوقف لأجل ما قد اعترض الأصل من المشبهات، فإذا كان هذا في أجوبة العلماء، لا يكسب نقصا كان ما ذكروه السؤال ساقطا.
وأما الجواب عن الذي قالوه من أمر الأدلة والعلامات في الأحكام وأنها واضحة يصل إليها المتأمل لها فذلك لنا، إذ لا خلاف بين العلماء أن الأدلة وإن كانت قائمة فمنها ما يقرأ حتى أنه يكون ظاهرا بينا فيهو الذي لا يكسب ارتياب.
والثاني من الأدلة ما لا يصل إليه إلا من كان له قوة تأمل فهاذين يبادر العلماء بالجواب من حيث كون الاستدلال بها واضحا.