فلان محسن إلى زيد وحسن ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: وخالقوا الناس بخلق حسن. وهذا كله علم الاستحباب لا يستحق به أمر تحريم ولا تذنيب. وهذا فلا وجه له. والدليل على صحة ما ذكرناه أنا وجدناه إذا سئل فأجاب فالجواب من جهته يوقع على حد الإلزام إذ ظاهر ما سئل عنه العلماء مؤذن بالبيان عن الواجب فإذا قال وقد يسأل عن مال يوجد، أو عن حديث في أموال وردت، واستحسن هذا الحديث في هذه المسألة كان ذلك بيانا كافيا أنه بالواجبات علم لا غير ذلك، ألا ترى إلى حديث أبي موسى في العبد إذا سأل الناس وفصل فقال نجعله في الرقاب منعا عن إعطائه العبد، وهذا لا يكون للاستحباب بأن يستحب الإنسان أن يأخذ مال زيد فيعطيه عمروا فيثبت بذلك الحد في استحسان ما هذا واجب لا غيره، وكذلك في حديث سهيل فليكرمه قطعا. ثم بعد هذا فالدليل على أن هذا اللفظ من الاستحسان له دخل في الإيجاب إنا وجدنا أهل اللسان لا يأبون ذلك ألا ترى أنه يقال إذا كان الفعل واجبا هذا حسن، وقال مرضي ونعم ما أتى وحسن ما أتاه كل ذلك في الواجبات.
ومن أدل الأشياء إنا وجدناه داخلا في الكتاب في المستحقات ألا ترى إلى قوله تعالى:{حقا على المحسنين} والذي علق به الأمر وإن كان بلفظ الاستحسان حتما. ومن ذلك أيضا قوله تعالى:{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}. ومن ذلك قوله تعالى {إن أحسنتم}. وكل ذلك حد الفعل للواجبات فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.