وأما العتق والطلاق فقد يحتمل عندي وجهين: أحدهما ينقل ما في العتق إلى الطلاق فيكون ذلك سقط الإيمان فيها بمثابة قول الشافعي رضي الله عنه سواء، وإلى ذلك ذهب عامة أصحابنا وبنوا ذلك غلى أن الطلاق حل للعقد كما أن العتق حل للملك عن العبد، فكان جميعا سواء. والأشبه أن يكون أمر كل مسألة على ما نقلت، فيكون من زال ملكه عن العبد وفعل الشيء وقد أخرجه عن ملكه يسقط لحنثه فإذا عاد إليه لم يلزمه إعتاق عبد لتجديد ملكه، وليس كذلك في الطلاق لأنه في الأصول أقوى ألا ترى أنه قد يحتاط فيه لأنه في الأصول أغلظ وبالله التوفيق.
ثم بعد هذا فمن مذهب أصحابنا في كل هذه المسائل وغيرها أنه ينقل من أحديهما الجواب إلى الأخرى فإنه يستدل بأن الظاهرات كلها جنس واحد لا فرق بين الجواب فيهما أو في أحدهما. هذا فلا وجه له، والدليل أنا نقر كل مسألة على ما قد وردت ما قد ثبت أن نقل الجواب عن مكانه بمثابة إحداث جواب مبتدأ لا نص له فيه ولا دخل له في كلامه، ولما كان هذا لا يجوز فلذلك أيضا نقل الجواب من مكانه لا يجوز. ومن أدل الأشياء أنا وجدنا ناقل جواب من مسألة إلى غيرها ينسب جوابا لأمر كلام أبي عبد الله ينسبه إليه ولا يوجد منه جواب، وقد تقرر أنه لا طريق إلى إثبات نسبة جواب إليه لا من حيث النطق ولا يكون شيئا من غير بيان ولا جواب وإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أن المسائل إذا كانت في الطهارات وكل جنسها واحد، فذلك لا يؤثر شيئا، إذ ليس من حيث أن الجنس واحد يجب أن يكون كل ما ثبت من جواب في مسألة من الصلوت ينقله إلى مسائل الصلاة حتى أنه يجيء من هذا أن ينقل ما قاله فيمن صلى خلف الصف وحده إلى نافلة فيمن أدرك الإمام راكعا فركع دون الصف ودخل في الصف، أو ينقل مسألة من صلى قاعدا مريضا إلى من صلى قاعدا قادرا صحيحا. ونظائر ذلك وفي الاتفاق أن هذا لا طريق إليه فأوضح ما ذكرناه وبالله التوفيق.