وسلم حديثا فلا تضرب له الأمثال، فإذا ثبت هذا وسكت ابن عباس أبان بذلك عن صحة ما قال.
ومن أدل الأشياء أنه قد ثبت بين العلماء في مناظرتهم أن من سكت عن شيء أنه قد توجه عليه السؤال ألا ترى إلى ما جرى بين أحمد رضي الله عنه والشافعي رحمة الله عليه في الهبة، فقال الشافعي معترضا على قول النبي صلى الله عليه وسلم: الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه. فقال الشافعي: فالكلب غير محرم عليه أن يعود في قيئه. فقال أحمد: ليس لنا مثل السوء. فسكت الشافعي. وكان ذلك إذعانا بالانقطاع وإسقاط السؤال، وإذا ثبتت هذه الأصول إذن ذلك بأنه إذا سكت عن سؤال ولم يرد على سائله ما قاله أنه عنده صواب حق ونظير هذا إذا قال به قائل فما أصنع به أو قال هو موضوع، تأويل كل ذلك أنه قائل به وأنه غير محرم له إذ قد ثبت في صفاته أنه أشد الناس في الله وأسبقهم إلى النكير على المحرم، فإذا ثبت هذا بأن بذلك سلامة ما أصلناه وبالله التوفيق.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أن السكوت محتمل بجهات:
منها أنه يدع ذلك لأن لا يؤدي إلى مخالفة ومجادلة فلا يؤثر شيئا إذ ظاهر السكوت الرضا والمتابعة، وليس تجويزا أن يكون للاحتمال فيه دخل