المكاتبة وما جانس ذلك. ونظائر هذا فليس فيه دخل في أن الاختلاف وإذا أجاب به كان لاختلاف المباح بل ذلك اختلاف لحد العوض لا غير ذلك.
فالذين ذهبوا إلى الوقف في ذلك وأن لا ينسبون إليه مذهبا، فالطريق لهم إنا وجدنا علمه بوجوه الاستدلال سابقا ولا يخفى عليه أي القولين أشبه بالسنة، فإن كان مذهبه عنده بما هو مستودع في الكتاب من يوجب سنة كان إلى ذلك أسبق.
قالوا: وأيضا فإن نسبة المذهب إليه من حيث آخر ما نرويها نحن في تقوية أحد المذهبين فعل لنا، ليس بفعل له، فكيف يجوز أن ينسب إليه المذهب بفعلنا ورأينا.
وأيضا فإن الاجتهاد منا لا يطابق ما عنده ولا يقاربه فبطل أن ينسب إليه شيء بما نقويه نحن برأينا. وهذا كله فلا وجه له. والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما قدمنا عنه الرواية في كتاب الأصول وأنه قال: إذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر أي القولين أشبه بالكتاب والسنة فأخذ به وترك الآخر. فإذا ثبت هذا الأصل كان فيه بيان عن مذهبه وما يتدين به في كل الأماكن وعلى سائر الجهات، فإذا وجد الاختلاف بين الصحابة. كان جوابه أن يقوي منهما ما أشبه بالكتاب والسنة فاعتبرنا ذلك في جواباته بالاختلاف على ما بينه في أصله.
ومن أدل الأشياء أن أبا عبد الله قد يجيب بجواب في أصل ويكتفي بما يودعه فيه عن الإعادة له في كل فصل، ألا ترى إلى ما قررناه من الإيمان عند اختلاف المتداعين وغير ذلك. وإذا ثبت هذا كان جوابه بالاختلاف خالصا لا يخرجه أن يكون له في ذلك مذهب، فنسبنا إليه منها ما قال لنا أن الحق فيه دون الآخر، وقد ثبت بعد هذا أنه لا يخلو جوابه بالاختلاف من ثلاثة أقسام:
إما أن يكون تذكرة للقولين، أراد بالذكر لهما إعلامنا أنه متوقف عنهما