والقطع شيئان، وأن لا يجيء عنه في المذهب غير ذلك، فإن تأول متأول من أصحابه أن هذا الجواب عنه يكسب التوقف والاحتياط لا غير ذلك إذ صفة اللفظ لا تؤذن بالقطع فالجواب أن هذا بعيد من الصواب إذ الأجوبة بالأمر لها حد في اللسان متقاربة سمعا واستعمالا، فأهل اللسان بذا لا يقولون إلا لما أمروا بع ينبغي لك أن تفعله ويقولون لما ينهون عنه ينبغي لك أن لا تفعله وهذا مترادف في مخاطبة العرب في الأوامر والنواهي وهو خطاب السادات للعبيد، فإذا ثبت هذا في اللسان آذن ذلك بأنه إذا أجاب بقوله ينبغي أو قال لا ينبغي أنه علم للأمر ومؤذن بالنهي ثم أدل الأشياء إنا وجدنا الشرع بذلك قد ورد ألا ترى إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه أهدي إليه فروج حرير فلبسه ثم نزعه نزعا عنيفا شديدا كالكاره له، وقال: لا ينبغي هذا للمتيقن. ومن ذلك ما روي عن زيد بن ثابت أخبرنا عن الأثرم قال ثنا محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع قال ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن سليمان بن كيسان أن خالد بن عقبة كان تحته أربع نسوة، فطلق إحداهن ثم تزوج خامسة فبلغ ذلك مروان فأرسل إلى زيد بن ثابت فسأله فقال: لا ينبغي له ذلك إن مات واعتد منه خمسة، فإذا ثبت في اللسان والسمع نطقا بينا وبان بأنه جواب كاف وجب أن يكون العلماء، وإذا أجابوا بذلك أن يكون جوابا كافيا وبالله التوفيق.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أن اللفظة محتملة فلا تأثير لذلك إذ اللفظة صعبها في القطع والبتات أحلى من كل الأجوبة.
جواب ثان- وهو أن الجواب من العالم إذا قال: ينبغي لك أن تفعل وتأكيد الأمر، وإذا قال لا ينبغي لك تأكيد النهي، فإذا ثبت هذا كان ما قالوه من احتمال الصيغة فاسدا، وقد قدمنا من البيان ما فيه غنية وبالله التوفيق.