للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُخْبَرْ عنه برُشْدٍ، فتركه. وأتى على ذلك أيامٌ، فرجعتْ والدةُ الصبيِّ إلى أختِها، وسألتْها أن تُعاوِدَ أميرَ المؤمنين، وكان المعتضدُ لا يُعاوَدُ في حديثٍ؛ من خُشونتِهِ. قال: فعاودَتْه، فقال: أليسَ قد أَمرتُ؟! فقالتْ: لم يُرْفَعْ عنه بعدُ. فدعا وزيرَه عُبيدَاللهِ ثانيًا، فقال: أَمرتُكَ أن تَأمرَ إسماعيلَ القاضيَ أن يَرفعَ الحَجْرَ عن فلانٍ؟! فقال: قد قلتُ له ذلك، فقال: حتى أسألَ عنه. فقال: قلْ له حتى يرفعَ الحجرَ عنه. فدعاه الوزيرُ ثانيًا، وقال: يَأمرُكَ أميرُ المؤمنين أن تَرفعَ الحجرَ عن فلانٍ. فأَطْرَقَ إسماعيلُ ساعةً، ثم استدعى دَواةً وبياضًا، وكتب فيها شيئًا وختمه. فاستعظم الوزيرُ أن يَختِمَ عليه كتابًا، ولم يقُل له شيئًا؛ لمحلِّ إسماعيلَ من الوَرَعِ. ودَفَعَ إلى الوزيرِ، فقال: أَوصِلْ هذا إلى أميرِ المؤمنين؛ فإنَّه جوابُه. قال: فأخذه الوزيرُ، ودخل على المعتضدِ وقال: زعم أنَّ هذا جوابُ أميرِ المؤمنينَ. ففتح المعتضدُ الكتابَ، فقرأه، ثم رمى به، وقال: لا تُعاوِدْهُ في هذا. فأخذه عُبيدُ اللهِ الوزيرُ الرُّقْعةَ، فإذا هو قد كتب: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١) .

٥٨ - وقال: إسماعيلُ بنُ سعيدِ بنِ عُروةَ يُكْنى: أبا الصايفةِ (٢) ،


(١) الآية (٢٦) من سورة ص.
[٥٨] هذا النص ليس في "الملخص".
(٢) هو: إسماعيل بن سعيد- ويقال: ابن أبي سعيد- بن عروة البَجَلي، أبو السَّابِغَة النَّهْدي، يُعَدُّ في الكوفيين، روى عن جندب بن عبد الله، وحبَّة العرني، وأبي وائل، روى عنه يونس بن أبي إسحاق، وبدر بن الخليل الأسدي، وشريك القاضي.
ترجمته في"الجرح والتعديل" (٢/١٧٢ و١٧٣ و٤١٢ رقم ٥٨٢ و٥٨٤ و١٦٢٨) ، ⦗١٢٤⦘ و"الثقات" لابن حبان (٤/١٧) ، وانظر "تاريخ بغداد" (٧/٢٤٩) ، و"أطراف الغرائب" (ق ٢٢٠/ب) ، و"تاريخ دمشق" (١١/٣١٠) .
تنبيه: ترجم البخاري في "التاريخ الكبير" (١/٣٥٦) لإسماعيل هذا، وسمَّى جدَّه: «عزرة» بدل «عروة» ، وكذا وقع في الموضع المتقدم من "أطراف الغرائب".
وفرَّق ابن أبي حاتم بين إسماعيل بن سعيد الذي يروي عن حبة العرني وأبي وائل، ويروي عنه بدر بن الخليل وشريك، وبين إسماعيل بن سعيد الذي يروي عن جندب، ويروي عنه يونس بن أبي إسحاق.
ولم نجد أحدًا ممَّن ترجم لإسماعيل هذا كنَّاه أبا الصائفة، والمعروف أن كنيته: «أبو السابغة» كما في مصادر ترجمته، فالظاهر أنها تصحَّفت هنا بسبب تقارب الرسم. والله أعلم.

<<  <   >  >>