للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكم معرفة الفروق الفقهية:

لم أجد من العلماء من تكلم عن حكم معرفة علم الفروق الفقهية، بل إن العلماء قد اختلفوا في قبول قدح العلة بالفرق، ومنع الجمع بين الأصل والفرع، عند وجوده، فالمحققون من العلماء قبلوه، وخالفت طائفة أخرى فلم تقبله (١). وفصّل بعضهم في ذلك، فاختار القاضي البيضاوي (ت ٦٨٥ هـ) أن الفرق، عند المعارضة في الأصل قادحٌ في العلة المستنبطة، دون المنصوصة، وأنه غير قادح في الفرع، لاختياره تبعاً لصاحب الحاصل، عدم جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين مستقلتين، إن كانتا مستنبطتين، ولأنه يرى أن النقض لمانع غَيْرُ قادحٍ في العلة (٢).

ولكلِّ طائفةٍ من هؤلاء العلماء أدلتها، وما بنت عليه وجهة نظرها، وذكر هذه الاستدلالات والمناقشات ليس من مقصود هذا البحث؛ لأن ما نريده من ذلك تصوير الفرق، عند الأصوليين. وقد أتينا من ذلك بما يحقق المقصود ويبين المراد.

ومما ينبغي التنبيه إليه أن أبا الربيع الطوفي (ت ٧١٦ هـ) تكلم عما يشبه بيان حكم الفروق. وإنما قلنا إنه يشبه الحكم، لأنه تكلم عن الاعتداد بالفرق واعتباره، وذكر ما يدل على ذلك (٣). ولكنه لم يتكلم


(١) نهاية الوصول في دراية الأصول (٨/ ٣٤٦٩).
(٢) منهاج الوصول بشرح الأسنوي والبدخشي (٣/ ٧٧) و (٣/ ١٠٠)، والحاصل (٢/ ٩٢٥) وانظر أيضاً في اختيار عدم جواز ذلك: المحصول لفخر الدين الرازي (٢/ ٣٨٤)، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٣٢٣).
(٣) علم الجذل في علم الجدل (ص ٧٣ - ٧٥). =

<<  <   >  >>