للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتاع، وذهب، لم يقطع، ولو شق الجوالِق (١)، وأدخل يده، وأخرج المتاع قطع (٢).

ومثل ذلك يقال عن سائر الأئمة ممن لم نذكرهم، والأمثلة على ذلك كثيرة سواء كانت من منصوصات الأئمة، أو مما خُرّج لهم بأي وجه من وجوه التخريج.

فمثل هذه الصور المتشابهة، ذات الأحكام المختلفة، أوجدت الحاجة إلى بيان الفروق بين المسائل، توضيحاً وكشفاً عن معانيها، ودفعاً للالتباس وما قد يساور بعضهم من وجود التناقض بين فتاوى العلماء، ومما ساعد على ذلك أمران:

الأمر الأول: ما ظهر من نقد للقياس في الأحكام الشرعية، والقول أن القياس أساسه الجمع بين المتشابهات، والتفريق بين المختلفات، وهذا الأمر غير متحقق في الأحكام الشرعية، لأن الأحكام الشرعية والفقهية، في أحيان متعددة، تفرّق بين المتشابهات، وتجمع بين المتفرقات، فكان التنبيه على الفروق لبيان أن عدم إعطاء المتشابهات حكماً واحداً بالقياس، يعود إلى أن التشابه ظاهري يقابله اختلاف وفروق أوجبت اختلاف الحكم.

والأمر الثاني: هو ضد الأمر السابق، وكأنه للتنبيه على الفروق بين المسائل، منعاً لقياس بعضها على بعض، وإعطائها حكماً واحداً، فيكون ذلك قياساً مع الفارق.

غير أن إظهار الفروق بين الفروع الفقهية المتشابهة في الصورة والمختلفة في الأحكام كان في مجال الدرس، وفي مجال المناظرات والجدل، ولم


(١) الجُوالق: وعاء من الأوعية- معرّب. جمعه جَوالق، وجواليق. (انظر لسان العرب).
(٢) الفروق للكرابيسي (١/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>